الاثنين، 9 أكتوبر 2017

عواد المخرازي//////

الطبيبة
_ مساء الخير ، اعتذر لدخولي الماسنجر  خاصتك هكذا .
_ اهلا بك . لكني لا أعرفك . من أنت؟
_ أنا عضو معكم في ذلك الجروب العلمي الخاص بالطب . أحببت التعرف عليك . ومصادقتك . فأنا أقرأ ما تكتبين بنهم . تعحبني ثقافتك وكتاباتك .... أنا "حسن سيد" من مصر . عمري" ٥٥ " عاما . أعمل خطاطا ومهندس ديكور .
_ أهلا بك . انا الدكتورة نهلة طبيبة . أعمل وأعيش في هولاندا .هاجرت منذ فترة طويلة مع عائلتي . أصلنا من المغرب . استأذنك الآن لدي مريض . سنتحدث لاحقا .
....
الحقيقة لم يكن ذلك اللقاء القصير سوى أملا عظيما وفرجا كبيرا انتظره طوال حياته. اخيرا تعرف على امرأة قد  تساعده على الهجرة . سيغادر للابد سيعيش بين تلك الشعوب المتحضرة . سيتحقق الحلم أخيرا. تمر الأيام وهو يحلم بذلك الجواز البرتقالي . أخيرا وداعا للقهر، للفقر والعوز .وداعا للفوضى ..وداعا للشرق الأوسط . وداعا للوحل والمستنقعات.. سأكون نفسي سأصبح حرا . سيجعلها تحبه سيفعل المستحيل ليحصل على قلبها .وعلى ذلك الباسبورت البرتقالي.
            تمر الايام وهما يتواصلان . في هذه الايام القليلة أصبح اكثر هدوءا ورومانسية وحكمة . كيف لو وصل هناك كيف ستكون حياته.
ينتظرها كل مساء وصباح أصبحت الهواء الذي يتنفسه والليل الذي يلتحفه .
اليوم فاجأته بسؤال : أريد أن أطلب منك طلبا . أرجوك وافق ولا تغضب .
_ أغضب منك !  هل يعقل هذا؟  أنت عليك أن تأمري وتزجري وتنهي وتتدللي .
_ أريد أن أستأذنك . أن أحبك  كأبي وصديقي . ارجوك .دعني أعيش هذا الشعور .
_ صمت قليلا . تذكر الحرمان والغربة التي تعيشها . ثم قال : ستكونين ابنتي .
_ إني أشتاقه . اشتاق ابي وأخذت تبكي .
_ ساكون والدك .
_ نادني يا بنتي .
_  أنت يا بنيتي .
_ هيا عانقني بقوة . انا أحبك يا أبي. احضني وارميني في الفضاء .
_ سأطيرك كما العصافير  . وستعوديني ألي بضحكات ونجوم . ساراقصك كل يوم .
_ اريد عناقك .
_ سأعانقك حتى يلتصق قلبي بضلوعك .
_ ستكون نجومي وقمري ..وهوائي .
_ سألضم لك من النجمات عقدا وازينه بقمر وضحكة، وارسم قلبي لك على غيمة  .
_ احبك يا أبي . لا تتركني وحيدة . انت آماني وسكينتي وكل دنياي .
_ سأدور بك بين صديقاتك وأنا أحملك  .
_ سأقول لهم هذا أبي كما أنا فخورة بك.
_ ستغار الصديقات منك .
_سأخبرهم أنك أجمل الأباء وأرقهم .ما أجمل رائحة عرقك يا أبي إنها تثملني . وما أنعم هذا الشعر في وجهك . سأرسم على وجنتيك الف قبله ...
......تمر الاسابيع وهما يعيشان هذا الدور بإتقان . تعيشه بكل حواسها .
...........
أبي : البارحة  أحضرت عائلة احد المرضى الكثير من الورد لقد نجحت العملية التي اجريتها لابنهم . انا سعيدة جدا يا ابي..
........أبي لقد توقفت طواحين امستردام عن الدوران لقد هطل الثلج أخيرا.... .أبي الامواج العاتيه أعادت الصيادين من البحر إلى البر اليوم ...... اعرف انك تحب الثلج والبحر والمطر والحرية .
يندلق فنجان القهوة .يسقط ، ينكسر ،  ترفعه فيجرح أصبعها . أبي أبي ..أبي أين ذهبت.. أبي أين ذهبت لم أعد أراك ..
أبــــي..أبي تصرخ بعلو صوتها .
تدخل الممرضة العجوز   ملهوفة ._ ما بك يا بنيتي ؟
_اين أبي ؟ أين اختفى ؟ تصرخ والعبرات تسيل على وجهها الشاحب .
_ لا أحد هنا إنها الحمى ، ونوبة الآكتاب ، لقد عادت إليك من جديد . بسببب الأرهاق في العمل .كم أخبرتك أن عليك أن تأخذي أجازة وتسريحين .
_ لا لا أبي كان هنا يحدثني على "الماسنجر".كنت أحدثه للتو ..
_ لكن لا حساب لديك .
_ تصمت الدكتورة غير مصدقة  وعيناها تنظر يمنة ويسرة مشوشة خائفة والدموع تخنقها .
 _ بحنو وعطف تحضنها العجوز: كم مرة طلبت منك ان تعملي حسابا على مواقع التواصل . ستلتقين الكثير من أبناء جلدتك . ولا تدرين قد تلتقين باحد أعمامك ويعوضك فراق أبيك ..ستلتقين هناك بالكثير من العرب سترين في عيونهم قريتك الصغيرة ، مآذن . سنابل قمح، وأشعة شمس لا تبرد أبدا .
تنتحب الدكتورة .. . بحرقة وصمت . تضمها العجوز إلى صدرها. وتشير بيدها .
_ انظري هناك من الذي جاءنا زائرا يا بنتيتي ..
_ أين ؟
_هناك على النافذة إنهن صديقاتك العصافير ، ياتين  كل عام عندما تهطل الثلوج يردن الدفء والحب .
_ تركض إليهن . تعالي أيتها العصافير الطيبة ، تفتح النافذة تدخل العشرات منهن تعالين إلي قلبي أيتها العصافير الجميلة .. تحتضن إحداهن تسقط دمعة حارة على جناحه  ..لتدفئ قلبه الصغير .
.تطير العصافير خارج العيادة الصغيرة . تقف على ذراع طاحونة أوقف الثلج دوران أذرعتها . تبدأ تتحرك تلك المراوح الهائلة .تراقبها  بصمت .وهي تدور..... وتدور ...وتدور ..
............
.............................. عواد المخرازي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق