الأربعاء، 26 يوليو 2017

السّفرُ الأخير         كامله



تعالي تقاســـمْكِ الفــــؤادَ خواطرُهْ
بأوّلِ هـــذا اللّـــيلِ تشـــدو أواخرُهْ
أبادلُكِ الأحــــلامَ حـــتّى نطــالَها
حسيرٌ على الجدوى ظلامي وساهرُهْ
صبرتُ ولــم أبلــغْ من الصّبرِ مأملاً
وهاجمتُ دهــري دونَ سيفٍ يحاورُهْ
فما بي ســوى عينيكِ درعٌ يصونُني
ولا لي سـواكِ اليـومَ خصــمٌ أناصرُهْ
طــرقتُ نواقيسَ القصــيدةِ راحـلاً
فمـا عـــادَ مــن ماضيَّ شيءٌ أناظرُهْ
تعالي فلــم أبلــغْ من الشّعرِ نبضةً
تعـيدُ بقــايا المـيتِ تهمي بشائرُهْ
مخــالبُ هـــذا الدّهــرِ فيَّ عميقةٌ
تنــوشُ شــغافَ القلـبِ وهيَ تغادرُهْ
فلا ترتجي روحاً من المـوتِ وارحلي
إلى أن تبيــحَ الضّــوءَ يومـاً ستائرُهْ
دعيني أقــولُ الحقَّ يا كــلَّ خافقي :
أسيرانِ غصـــنُ الذّكـــرياتِ وطائرُهْ
أعيــشُ ونعـــشٌ للقـــوافي يلمُّني
يعـــودُ بهِ عـــذبَ المــنيّةِ شاعرُهْ
ويرجـــعُ من قبــرِ الفــراقِ معاتباً :
قضــيتُ ولـم ترحــمْ ثرايَ حوافرُهْ
فــلا تنـــدبي حـبَّاً قـــديماً أماتَهُ
زمـــانٌ ، وقتــلٌ في بلادي يحاصرُهْ
كـــأنَّ جنـــودَ الدّهـرِ فينا سيوفُهم
تئــنُّ إذا مــا السّـــيفُ أوجــعَ ثائرُهْ
يولّي صــغارَ الخـــلقِ أمــرَ رقــابِنا
وتحيا على قطــعِ الرّقــابِ مشاعرُهْ
فينـظمُ من طـــهرِ الدّمـــاءِ قصيدةً
ويبــكي عـلى شـــحِّ المــروءةِ وافرُهْ
وفي الشّامِ شِــعرٌ مــن زمــانِ أحبّتي
يســـيرُ فيهــــوي أوّلَ الـدّربِ سائرُهْ
كــــأنَّ بني قـــومي هوامـشُ غضّةٌ
وتاريخُــهم وهــــمٌ تجفّـــفَ آخرُهْ
يطوّقُ جــندُ المـــوتِ فينا كــما إذا
يطــــوّقُ عــرشَ الحاكمينَ عساكرُهْ
ويرجـــعُ من بعـــدِ الحصـــارِ كأنَّهُ
السّـــجينُ الّذي أدمـــتْ يديهِ أساورُهْ
تهـــونُ المنـــايا حــينَ نألفُهــا ولا
يـــؤرّقُ حــــــرّاً إن تجــــبّرَ آسرُهْ
ترى في بلادي القــتلَ يـورقُ غصنُهُ
وجــوعٌ كـــريمٌ في الصّغـــارِ يؤازرُهْ
من الشّامِ حتّى مصــرَ تبـكي عيونُنا
وقلـبي عـلى بغـــدادَ يُكســرُ جابرُهْ
وأعيــــنُ أمّــي لا تكـــلُّ دمـــوعُها
على أجـــلٍ قــــدّتْ صبــايَ نواظرُهْ
وأعــرابُ هـــذا الدّهـــرِ فيَّ سيوفُهم
تـــروحُ وتـــأتي والمــنـــونُ منابرُهْ
تــرى وابلَ الآجــالِ رطبٌ هطـــولُهُ
وذاكَ ببابِ القـــدسِ حــرّى خناجرُهْ
ســـلامٌ على الذّكــرى وما فعلتْ بمن
طوى تحتَ أرضِ الصّمتِ خوفَ تجاورُهْ
وألــــفٌ على أرضٍ شغـــافُ ترابِـــها
بكــفِّ دمي تشــدو وتعــلو حناجرُهْ
تصـلّي بهــا الأنــوارُ والحـــبُّ سورُها
كمـــا هيَ للغــازي الغـــريبِ مقابرُهْ
ستسـقي دمــاءُ الطّــاهرين ضفــافَها
فتنـــبتُ شِــــعراً تطمـــئنُّ سرائرُهْ
تعالي نطـــوفُ الأرضَ دونَ مخـــافةٍ
كقـلبي وصــدرِ اللّيلِ حــينَ يسامرُهْ
تعالي نغـــنّي الياســــمينَ بقبــلةٍ
وســـــنبلةٌ ماضــــيهِ فيَّ وحاضرُهْ
صيــامُ الشّآمِ الحـــرِّ أقبـــلَ عيدُهُ
فيا كــلَّ روحي حــانَ نغــدو نسافرُهْ
ويرجعُ طــيرُ الحـــبِّ حـرّاً بأحرفي
تعـــــالي تسلّمْكِ الفـــــؤادَ خواطرُهْ


أحمد عبد الرؤوف     سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق