الأربعاء، 1 مارس 2017

سجنُ الغربة 

ــــــــــــــــــــــــــ
يقودُني القدر مكبلاً ...
حيث سجنُ الغربة المرير ...
ويلقي بي بين جدرانه المظلمة ...
سجنٌ موحش يعج بأهات السجناء ..
وأنين الحنين
يستقبلُني رجلٌ في الخمسين من عمره
لِحيته كثيفةُ الشعر ، ثيابه متسخة
عليها بقعٌ صفراء تفوح من فمه
رائحة سيجارة ...
يجلس بجواري .. ويحدثني :
مالذي جاء بك الى هنا ..؟؟
ارد عليه :  هو القدر من جاء بي إليكم
اهً من القدر أتى بك الى مصرعك ... !
ثم أخرج ورقةً كان يدسّها في جيبه
متسخةَ المنظر ، مقطعةَ الاطراف
سألته : مالذي كتبته داخل هذه الورقة ..!!؟
نظر إليّ مبتسماً .. : هذه أحلامي
كتبتُها عندما جاء بي القدر منذ سنوات .
فقلت له : وماهي أحلامكَ التي كتبتها
قال لي : كنت أحلم ببيتٍ وزوجه ..
حسناء جميلة ..
وابنةٌ ترثُ من امها كل تفاصيلها
قلت له : وهل تحققت احلامك ..؟
رد علي والحزن يملأ وجهه :
لم يتحقق لي شيء من ذلك .
وقد غضب من سؤالي ، ومزّقَ تلك الورقة
أخذ قبعته السوداء من أمامي ، وصعد الى سريره
فقلت في نفسي :
أنا لست كهذا الرجل ..
سأكتب احلامي وستتحقق ذات يوم
أؤمن بذلك .

كانت أحلامي التي كتبتُها تشبهُ أحلام
ذاك الرجل الهرم
سأبني منزلي بجوار منزل جدي القديم ..
وسأتزوج ابنة عمي التي تترقب عودتي بلهفة ..
وسأنجبُ منها طفلةً شقراء جميلة
تشبهُ أمها بكل التفاصيل ..
وسأزرعُ الورد والزيتونَ على حديقة المنزل .

مرّت الأيام والسّنين .. ولم يتغيّر شيء
لازلتُ أحتفظُ بتلك الورقة تحت مخدتي ..
واقرأها كل يوم قبل النوم .
تأخر القدر .. وأنا لازلتُ متمسكاً بخيوط الأمل
أقول في نفسي : ربما سيأتي الغد
وها هو قد أتى ( القدر )
أظنه يحمل لي  ورقة الخروج ..!
أتى إليّ متلثماً يمشي على استحياء
وقال لي : اعذرني ياصديقي ، لا حظّ لك عندي ..
سقطت دمعةً من عيني حزناً
فرقّ قلبه لحالي
 ثم قال : ربما يحالفكَ الحظ يوماً
كن صبوراً ...
الشرطي من وراء الباب ينادي :
" لقـد أنتهى موعد الزيارة "

مرّت الأيام والسنين .. وتغيّر كل شيء
إبنة عمي تزوجت وأنجبت ..
منزلي الذي كنتُ أحلم ببناءه
لم تعد لي القدرة على بناءه .
فقد اشتعل الرأس شيباً
وازداد الجسم سقماً ..
لم أعد انتظر مجيء القدر ..
لقد تغير كل شيء

 #راضي البعداني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق