رحلةٌ في ذاكرتي
تجولُ (بلقيسُ) في أنحاءِ ذاكرتي
بحثاً عن المجدِ والتنويرِ والأدبِ
تلتفُّ حولَ بناتِ الفكرِ باحثةً
عن ما صنعناهُ ؛ في التاريخِ والكُتبِ
تُسائلُ الذهنَ عن أركانِ معبدِها
عن مملكتها وعن تاريخها النجِبِ
تساءلتْ : أين أحفادي وما صنعوا ؟
وأينَ موروثُ أجدادي ومُلكُ أبي ؟
إذْ لمْ أجدْ غيرَ آهاتٍ مُبعثرةٍ
تلهو بسخفٍ على إيوانِ مِن لغبِ
حَمْقى تَبدتْ كأشلاءٍ مُمزّقةٍ
مِن حولَها تمتماتُ العُنفِ والشغبِ
قالت : بصوتٍ تشقُ الصخرَ حسرتهُ
أوّاهُ أوّاهُ يا حُزني ويا عجبي !
ما بالَ أحفادي انهارتْ معالمهمْ ؟
أضحوا غُثاءً وأشلاءً مِن الصخبِ
فتّشتُ عن صفحةِ الأمجادٍ إذْ كُتبتْ
سطورُها مِن رضابِ الطُهرِ والسُحبِ
لكن ويا أسفي لمْ ألقَ مكرُمةً
أحكي بها في زوايا سالفِ الحِقبِ
أهدي (سليمان) فوحاً مِن نظارتِها
أهدي شذىً راقياً يزهو لكلِّ نبي
لكنني لمْ أجدْ إلّا رُكامَ خوى
وحشرجاتٍ مِن الإفلاسِ والتعبِ
* * *
أمّاهُ إنّا ابتلعنا البؤسَ فاندثرتْ
حضارةُ الأمسِ وانهارتْ ولم نثبِ
إلى مصافِ العُلا ؛ والعسفُ أرهقنا
لمْ نزرعْ العدلَ كي نجني مِن الرُطبِ
لمْ نزرعْ الحُبَّ في أوجانِ هدأتنا
بلْ نحصدُ الكُرهَ أحمالاً مِن الغضبِ
لمْ نسقِ زهرَ سلامٍ دائمٍ أبداً
ولمْ يُراعِ الحقوقَ الواجباتِ غبي
حتى غدونا هشيماً لا لهُ ألقٌ
نعمَ الرمادِ أقمنا في لظى اللهبِ
بلْ واستوينا رذاذاً ما لهُ وطنٌ
أو ريحةً أو لهُ طعماً كما العِنبِ
أماهُ إنّا على بعضٍ كبارقةٍ
نُقاتلُ العمَّ نُسقي الأخَّ بالكُربِ
إنّا على الأهلِ فُرسانٌ مُدججةٌ
بالسيفِ والرُمحِ ثُمَّ السهمِ والسْلَبِ
أمّا العُدا لا نُريها بأسَ شِدّتنا
بل نلتقيها بأحمالٍ مِن الطربِ
مَنْ يأتى العرشَ يُسقينا جهالتهُ
إذْ يملاءُ القصرَ بالأزلامِ والنُصِبِ
قد استمدَّ مِن الأهوا تجاربَهُ
في حُكمِ شعبٍ ؛ وزفَّ الكذبَ من كذبِ
أو لمْ يرَ حينَ شاورتِ الملا فيعي
إن التسلّطَ لا يرقى إلى الرُكبِ
والأمرُ شورى ولا أمرٌ لطاغيةٍ
فردٍ جهولٍ بليدٍ خائرٍ كئبِ
هذا هو الحالُ يا أمّاهُ وا أسفي
لا تسألي صوتي المبحوحَ عن خِيبي
أو تسألي قلبي المكلومَ عن ألمي
أو تسألي حرفَ أشعاري عن السببِ
فأنهُ العرشُ مَن يهوي بحالتِنا
إلى حضيضِ المنايا في دُنى الذنبِ
صنعاء 5 نوفمبر 2018 م
الشاعر : صالح احمد القاسمي
تجولُ (بلقيسُ) في أنحاءِ ذاكرتي
بحثاً عن المجدِ والتنويرِ والأدبِ
تلتفُّ حولَ بناتِ الفكرِ باحثةً
عن ما صنعناهُ ؛ في التاريخِ والكُتبِ
تُسائلُ الذهنَ عن أركانِ معبدِها
عن مملكتها وعن تاريخها النجِبِ
تساءلتْ : أين أحفادي وما صنعوا ؟
وأينَ موروثُ أجدادي ومُلكُ أبي ؟
إذْ لمْ أجدْ غيرَ آهاتٍ مُبعثرةٍ
تلهو بسخفٍ على إيوانِ مِن لغبِ
حَمْقى تَبدتْ كأشلاءٍ مُمزّقةٍ
مِن حولَها تمتماتُ العُنفِ والشغبِ
قالت : بصوتٍ تشقُ الصخرَ حسرتهُ
أوّاهُ أوّاهُ يا حُزني ويا عجبي !
ما بالَ أحفادي انهارتْ معالمهمْ ؟
أضحوا غُثاءً وأشلاءً مِن الصخبِ
فتّشتُ عن صفحةِ الأمجادٍ إذْ كُتبتْ
سطورُها مِن رضابِ الطُهرِ والسُحبِ
لكن ويا أسفي لمْ ألقَ مكرُمةً
أحكي بها في زوايا سالفِ الحِقبِ
أهدي (سليمان) فوحاً مِن نظارتِها
أهدي شذىً راقياً يزهو لكلِّ نبي
لكنني لمْ أجدْ إلّا رُكامَ خوى
وحشرجاتٍ مِن الإفلاسِ والتعبِ
* * *
أمّاهُ إنّا ابتلعنا البؤسَ فاندثرتْ
حضارةُ الأمسِ وانهارتْ ولم نثبِ
إلى مصافِ العُلا ؛ والعسفُ أرهقنا
لمْ نزرعْ العدلَ كي نجني مِن الرُطبِ
لمْ نزرعْ الحُبَّ في أوجانِ هدأتنا
بلْ نحصدُ الكُرهَ أحمالاً مِن الغضبِ
لمْ نسقِ زهرَ سلامٍ دائمٍ أبداً
ولمْ يُراعِ الحقوقَ الواجباتِ غبي
حتى غدونا هشيماً لا لهُ ألقٌ
نعمَ الرمادِ أقمنا في لظى اللهبِ
بلْ واستوينا رذاذاً ما لهُ وطنٌ
أو ريحةً أو لهُ طعماً كما العِنبِ
أماهُ إنّا على بعضٍ كبارقةٍ
نُقاتلُ العمَّ نُسقي الأخَّ بالكُربِ
إنّا على الأهلِ فُرسانٌ مُدججةٌ
بالسيفِ والرُمحِ ثُمَّ السهمِ والسْلَبِ
أمّا العُدا لا نُريها بأسَ شِدّتنا
بل نلتقيها بأحمالٍ مِن الطربِ
مَنْ يأتى العرشَ يُسقينا جهالتهُ
إذْ يملاءُ القصرَ بالأزلامِ والنُصِبِ
قد استمدَّ مِن الأهوا تجاربَهُ
في حُكمِ شعبٍ ؛ وزفَّ الكذبَ من كذبِ
أو لمْ يرَ حينَ شاورتِ الملا فيعي
إن التسلّطَ لا يرقى إلى الرُكبِ
والأمرُ شورى ولا أمرٌ لطاغيةٍ
فردٍ جهولٍ بليدٍ خائرٍ كئبِ
هذا هو الحالُ يا أمّاهُ وا أسفي
لا تسألي صوتي المبحوحَ عن خِيبي
أو تسألي قلبي المكلومَ عن ألمي
أو تسألي حرفَ أشعاري عن السببِ
فأنهُ العرشُ مَن يهوي بحالتِنا
إلى حضيضِ المنايا في دُنى الذنبِ
صنعاء 5 نوفمبر 2018 م
الشاعر : صالح احمد القاسمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق