{ جدي واوراق الغار }
وأنا في عمر الوردِ
سألت ذات يوم جدي
ما هو الوطن ... وما قيمة الأرْض
هل الوطن يبيع أحلام أبناءه !!!؟؟؟
أم هم راهنوا عليه في لعبة نردِ
.......... قل لي يا جدي
من يحفظ لـ الوطن كبرياءه !!!؟؟؟
بعد أن أصبحنا غرباء بين غربائه
وأكلت رياح النار أبواب أنفاسه
وتسللت مخالب الغدر الى ليل حلمه
مزَّقت رداء عفة فجره ... واغُتصب غده
وتلوث بساط نقاء نهاره
فلم تعد الشمس شمسه
ولا السماء تُشبه سماؤه
ودماء عذريته سالت وغارت ماؤه
اقتلعت أشجار فرحته ... نُزع من وجهه بسمته
ولم نسمع صرخات نداءه
والذئاب ما زالت تعيش فيه فسادا
تتقاتل وتنهش أشلاءه
والغربان تنعق ... وتلعق ما تبقى من دماءه
فـ قل لي كيف الخلاص من بلائه !!!؟؟؟
...... همهم جدي
وتنحنحت العزة في داخله
استيقظ الدهر من بين خلجان وجهه
أتكأ على عصاة سنينه
نظر اليَّ من أبراج عليائه
تراقصت سيوف حاجبيه
نصب بين أشرعة عيناه وميناء سكوني
خيط من الحرير
وقفت عليه طيور أفكاره تعاتبني
ترمقني ... تسافر في احتباس وجهي
... تشدني الى مدار أفكاره
تسحبني الى بئر أنفاسه
لأغوص الى أعماق أعماقه
رماني ببسمة جرح غائرة
تحررت من كفن سنينه
كانت نائمة في أقبية الزمن
قال : أنت لم تجيئ من العدم
إفتح نافذة قلبك الصغيرة
قبل أن تشرب من بئر الندم
أغمض عينيك .....
أجعل أذنيك تسافر مع سكون الروح
عبر ألسنة الزمن الغابر
وتنفّس عبق الأرض
غوص الى أعماق أعماقها .. الى نبضاتها
تلمّس تاريخًا كتب على أوراق الغار
حروفه من نار
دفن بين أضلاعها
لتروي دماء أجدادنا حكاية البداية
......... ألا تسمع يا ولدي
صهيل خيل المجدِ
........ ألا تسمع يا ولدي
صيحات ... وقعقعة سيوف
فرسان تجول ورايات تطوف
ألوف .. وألوف
تهدر گ الرعد
والشمس من عجاج الخيل ارتدت ثوب الخسوف
.......... ألا تسمع يا ولدي
صيحات من رحم الخنادق
زلاغيط بنادق
لمعة عيون عنفوان تولد منها الصواعق
تتسابق من أجل الوطن لأبواب اللحدِ
هي جروح دفينة
لم تعرف يوما الهزيمة
عشقتها الأرْضِ .... ارتوت من نقائها
فأزهر من دمائها الوردِ
....... كل هذا
كي تبقى الأرض في عيوننا كريمة
كي لا يأخذها الغرباء رهينة
إن الارض يا ولدي
عند غروب آخر مساحبك
تشكي .... تئن وتبكي
إسأل جبالها
إسأل سهولها .... ووهادها
سوف تحكي ... وتحكي ... وتحكي
هي ليست حجارة ولا بيوت
هي العرض
هي سترك ... هي ورقة التوت
ترابها تبر ... وحجارة مدافنها ياقوت
هي أُمك ... هي حبل سرك
يفيض الخير من ثديها
ماء الحياة ينبع من بين يديها
ألا يستحق من أجلها أن نموت
وندافع عن ترابها يا ولدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق